top of page
صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

الموت المفاجئ وغير المتوقع


الموت المفاجئ وغير المتوقع
الموت المفاجئ وغير المتوقع

الموت المفاجئ وغير المتوقع (غير العنفي وغير الاصابي) في مراحل عمر البلوغ يحدث في غضون فترة زمنية قصيرة من ظهور الأعراض الحادة. تشير الإحصاءات ان 12% من الوفيات المفاجئة تحدث خلال ساعتين من بدء الاعراض الحادة وفي 88% من هذه الحالات يكون سبب الوفاة ناتج هم حالات مرضية بالقلب وان 32% من الوفيات المفاجئة تحدث خلال فترة اقل من 24 ساعة وتنخفض أسباب الوفاة القلبية إلى 75٪. الأعمار التي يكون فيها الموت المفاجئ أكثر انتشارا هي من الولادة إلى 6 أشهر (متلازمة موت الرضع المفاجئ) وبين 45 و75 سنة. تشير المراجع المسندة أن 19٪ من الوفيات المفاجئة لدى الأطفال الذين أعمارهم اقل من 13 عاما هي ناتجة عن أمراض قلبية، وتصل هذه النسبة الى 30% في الفئة العمرية 14-21 سنة.

في مرحلة البلوغ السبب الأكثر شيوعا للموت المفاجئ هو امراض شرايين القلب التاجية، يليه بالترتيب الأنواع المختلفة من اعتلال عضلة القلب. نسبة أمراض القلب في الوفيات المفاجئة تنخفض مع تقدم العمر، ففي احدى الدراسات كانت هذه النسبة 62% لدى الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 45 الى 54 عاما، و58% لفئة الاعمار من 55 الى 64 عاما و42% لفئة الاعمار من 65 الى 74 عاما.

مجمل نسبة الموت المفاجئ الناتج عن امراض قلبية في الذكور هي 3.8 اضعاف مقارنة مع النساء، وتكون الأعلى 6.7 ضعف في الفئة العمرية من 55 الى 64 عاما. وتصبح هذه النسبة 2.2 ضعف في الفئة العمرية من 65 الى 74 عاما.

كما لوحظ اختلافات عرقية في حدوث الموت القلبي المفاجئ: الافارقة لديهم خطر متزايد مقارنة مع ذوي لون البشرة البيضاء والعوامل الوراثية مهمة في مجموعات متنوعة من أسباب الموت القلبي المفاجئ، بما في ذلك تصلب الشرايين واعتلال عضلة القلب ونظام توصيل كهربة القلب.


من ناحية الفيزيولوجيا المرضية أي حالة مرضية بالقلب من الممكن ان تؤدي للموت المفاجئ بسبب وجود مجموعة واسعة من الآليات المرضية التي قد تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب وهذه بشكلها الخطير قد تؤدي للوفاة الفجأة.

نقص التروية التاجي الحاد لعضلة القلب، تضخم القلب، ندوب القلب، التهاب عضلة القلب، وهبوط القلب، أي واحد من هذه الحالات قد تتسبب بحدوث عدم انتظام ضربات القلب البطيني وبالتالي تسبب الوفاة الفجأة.


الامراض القلبية التي تسبب الوفاة الفجأة لدى البالغين:

  1. يعد تصلب الشرايين التاجية هو الأكثر شيوعا في حالات الموت القلبي المفاجئ لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 30-35 عاما. يؤدي تصلب الشرايين التاجية إلى الموت المفاجئ بسبب نقص التروية الحاد لعضلة القلب او بسبب المضاعفات الناتجة عنه، كعدم انتظام نبض القلب الثانوي لاحتشاء سابق بعضلة القلب، وقد يحدث الموت المفاجئ بسبب تمزق عضلة القلب، أو بسبب فشل حاد بعضلة القلب.

  2. السبب الثاني الأكثر شيوعا للموت المفاجئ هو أمراض اعتلال عضلة القلب، ومنها اعتلال عضلة القلب التضخمي، اعتلال عضلة القلب التوسعي، اعتلال عضلة القلب الناتج عن ارتفاع ضغط الدم، وتضخم البطين الأيسر مجهول السبب.

  3. السبب الثالث الأكثر شيوعا للوفاة هو امراض صمامات القلب، وخاصة تدلي الصمام التاجي وتضيق الصمام الأبهر.

  4. تشمل أمراض القلب الخلقية التي قد تؤدي إلى الموت المفاجئ التشوهات الخلقية بالشريان التاجي، وأشكال تضيق الأبهر، وهذه الاسباب مهمة بشكل خاص للوفاة لدى الرجال والنساء الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما.

  5. في مرحلة عمر اليافعين والمراهقين، يعد التهاب عضلة القلب واعتلال عضلة القلب (خلل التنسج البطيني الأيمن وتضخم البطين الأيسر مجهول السبب) وتشوهات الشريان التاجي أكثر الأسباب شيوعا للموت القلبي المفاجئ.

الامراض القلبية التي تسبب الوفاة الفجأة لدى الأطفال والشباب:

الأسباب الأكثر شيوعا للموت المفاجئ عند الأطفال والشباب الصغار هي التهاب عضلة القلب وأمراض القلب الخلقية، بما في ذلك تشوهات الشرايين التاجية واعتلال عضلة القلب. ما يصل إلى 50 ٪ من الأسباب القلبية لدى الأطفال الذين يموتون أثناء التمارين والألعاب الرياضية هي عدم انتظام ضربات القلب مجهول السبب مع قلب طبيعي على ما يبدو عند تشريح الجثة. بالنسبة للأطفال والشباب، في حالات الموت القلبي المفاجئ الواضح مع عدم وجود تشوهات قلبية مورفولوجية عند تشريح الجثة، يجب البحث عن أسباب جينية او ايضية قد تكون سبب الوفاة.


الأسباب المؤكدة للوفاة المتعارضة مع الحياة هي تلك التي تؤدي إلى دكاك القلب (تجمع الدم او السائل المصلي في غشاء التامور حول القلب)، أو تمزق عضلة القلب، أو التخثرات الحادة (الجلطات) في الشرايين التاجية.

في الحالات المرضية غير المتعارضة مع استمرار الحياة مثل تصلب الشرايين اللويحي المزمن، وتضخم البطين الأيسر، وندب عضلة البطين، والتهاب عضلة القلب البؤري، واعتلال عضلة القلب، يعد سبب الوفاة ناتج عنها فقط عند استبعاد الحالات المحتملة الأخرى.


السدة الرئوية الخثرية:

تشكل 10% من مجمل الوفيات المفاجئة، عوامل الخطر الرئيسية للسدة الرئوية الخثرية هي تخثر الدم في الاوردة العميقة للأطراف السفلية وتعرض الشخص لإصابات شديدة ومضاعفات ما بعد العمليات الجراحية. ويرتفع احتمال حدوثها في النساء والأشخاص الذين يعانون من السمنة او الأورام الخبيثة وفي الشيخوخة ومن يعانون من امراض القلب المزمنة.


امراض الجهاز العصبي المركزي التي تسبب الوفاة الفجأة: الموقعان التشريحيان الشائعان للنزيف المرضي، غير الإصابي داخل الجمجمة هما النزف داخل فصوص الدماغ والنزف تحت العنكبوتية. وبنسبة اقل قد يشمل النزف خارج الام الجافية أو تحتها أو في بطينات الدماغ، ويعتمد مكان حدوث النزف تبعا لعمر المتوفى والسبب المرضي الذي سبب النزف. الاعم الاغلب من النزف داخل الجمجمة ينتج عن ارتفاع ضغط الدم المزمن غير المسيطر عليه.


الموت المفاجئ وغير المتوقع في مرض الصرع (SUDEP) على أنه وفاة تحدث في شخص لديه تاريخ سريري موثق من الصرع، ولا يرتبط بالصدمة الإصابية أو الغرق، ويرتبط بتشريح سلبي كامل بعد الوفاة بما في ذلك الفحص المخبري السمي. تحدث معظم هذه الوفيات في الفئة العمرية 20-40 سنة مع رجحان طفيف للذكور.


امراض الجهاز التنفسي تتسبب بالموت الفجأة بنسبة اقل من التي تنتج عن امراض القلب والجهاز الدوري، فالموت المفاجئ من الربو موصوف جيدا في أدبيات الطب الشرعي والامراض الأخرى التي ما نادرا تسبب الوفاة الفجأة تشمل التهاب لسان المزمار الحاد والالتهاب الرئوي والنزيف الرئوي الحاد وارتفاع ضغط الدم الرئوي.


أمراض الجهاز الهضمي تتسبب أيضا بالموت المفاجئ بنسبة اقل مقارنة مع امراض القلب والجهاز الدوري، وغالبا ما ينطوي الموت المفاجئ وغير المتوقع الذي يعزى إلى الجهاز الهضمي على مضاعفات كارثية لمرض مزمن مثل نزيف الجهاز الهضمي الشديد وثقوب قروح المعدة والامعاء بإحداث نزف والتهاب في التجويف البطني، والتهاب البنكرياس يسبب الوفاة الفجأة إذا كان شديدا.


أمراض الغدد الصماء تسبب الموت المفاجئ بشكل رئيسي كمضاعفات لمرض السكري غير المسيطر عليه، ونادرا ما يكون الموت الفجأة ناتجا عن قصور القشرة الكظرية.


الوقاية من الوفاة الفجأة الناتجة عن امراض قلبية

انت معرض للوفاة القلبية المفاجأة إذا كنت تعاني من:

  1. تصلب الشرايين التاجية

  2. اعتلال عضلة القلب

  3. اضطراب شديد في نظام نبض القلب

  4. هبوط القلب الناتج عن أي سبب

  5. لديك تاريخ عائلي من الموت القلبي المفاجئ

  6. لديك تاريخ عائلي لأمراض شرايين القلب وعضلة القلب

  7. سيرة عائلية لأمراض القلب الوراثية او التشوهات الخلقية في صمامات او شرايين القلب.

  8. سيرة الإصابة بالتهاب عضلة القلب

  9. كنت قد تعرضت لسكتة قلبية سابقة وتم علاجها.

الفيزيولوجيا المرضية للوفاة القلبية الفجأة:

الأشخاص الذين يبدو أنهم يتمتعون بصحة جيدة يمكن أن يتعرضوا للموت القلبي المفاجئ وخاصة إذا لم يكن هناك تشخيص او اكتشاف للحالة القلبية المرضية التي يعانون منها. إذا كان الشخص يعاني من حالة مرضية كامنة وتعرض للتعب والاجهاد او ممارسة التمارين الرياضية المكثفة يتسبب ذلك في الجفاف ونقص السوائل وفقدان التوازن الفسيولوجي لأملاح الدم وحدوث ارتفاع في الأدرينالين وعدم توازن درجة حموضة الدم واي من هذه الحالات تحفز حدوث الموت القلبي المفاجئ.


كيف يمكنني الوقاية من الوفاة الفجأة الناتجة عن امراض قلبية؟

  1. يجب الوقاية من مرض تصلب الشرايين التاجية: يجب الوقاية من مرض تصلب الشرايين التاجية للحفاظ على تدفق الدم والاكسجين للعضلة القلبية وهذا يؤدي الى التقليل من احتمال حدوث السكتة القلبية والوفاة الفجأة. خفض تكوين اللويحات التي تسبب تضيق الشرايين التاجية يعتمد على:

    1. - الالتزام بالنشاط الرياضي والتمارين لمدة نصف ساعة على الأقل يوميا في معظم أيام الأسبوع.

    2. - تناول الطعام بشكل صحيح ويفضل اتباع نظام غذائي منخفض الدهون غير الصحية ونسبة عالية من الفواكه والخضروات.

    3. - يجب الحفاظ على الوزن المناسب وتجنب السمنة.

    4. - الامتناع عن التدخين، ومعالج الإدمان على التدخين حيث ان التدخين يزيد من احتمال تولد اللويحات في الشرايين التاجية بنسبة أربع اضعاف مقارنة مع غير المدخنين.

    5. - تقليل التوتر العاطفي.

    6. -جب البدء في نظام الحياة الصحي هذا على الرغم من تقدم العمر اثبتت الدراسات انه يخفض نسبة الوفيات الفجأة حتى في مراحل العمر المتقدمة.

  2. يجب الوقاية والعلاج والسيطرة على الحالات الطبية التي تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات القلبية مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري وارتفاع الكوليسترول. فاذا كنت تعاني من أي هذه الحالات لكنت بحاجة للسيطرة عليها من خلال تغيير نمط الحياة والعلاج المستمر تحت الاشراف الطبي المتخصص. بإشراف طبي يستفيد بعض الرجال من تناول جرعات منخفضة يوميا من الاسبرين.

  3. من الضروري إجراء فحص دوري سريري لصحة القلب لتجنب الموت القلبي المفاجئ. يجب أن نعرف بالتفصل التاريخ الطبي لعائلتنا، مثل: هل عانى أي شخص في العائلة من الموت المفاجئ؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فمن الضروري استشارة الطبيب في أقرب وقت ممكن.

  4. يجب استشارة الطبيب قبل المباشرة باي ناشط رياضي غير معتاد. إذا لم تكن شخصا يمارس الرياضة بانتظام، فمن المهم بالنسبة لك استشارة الطبيب قبل أن تقرر المشاركة في أي نشاط رياضي شديد نسبيا او أي منافسة رياضية مثل كرة السلة، او كرة القدم، او كرة الريشة، وسباقات الركض مثل الماراثون.

  5. يجب الاستمرار بالرعاية الطبية إذا كنت قد تعرضت للحالات التالية لإغماء المفاجئ أو ألم في الصدر أو صعوبة في التنفس أو نوبة فلبية سابقة.

مسؤولية الأطباء:

1) خلال المتابعات السريرية الدورية يجب التحقق من التاريخ العائلي للموت المفاجئ الناتج عن امراض القلب.

2) التحقق من التاريخ العائلي لأمراض الجهاز الدوري وخاصة اعتلال عضلة القلب والامراض التي تحدث عدم انتظام في نبضات القلب.

3) استخدام أجهزة تنظيم ضربات القلب القابلة للزرع في المرضى الذين يحتاجونها حسب حالتهم السريرية.


مسؤولية وزارة الصحة:

1) التوعية لعموم المجتمع بمبادئ الصحة العام حول الوقاية من عوامل الخطورة التي تسبب تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وداء السكري.

2) توفير الرعاية الطبية والعلاجات للمرضى بهذه الامراض بشكل مستمر.

3) إيجاد دورات الإنعاش القلبي لأفراد أسر المرضى الذين يدخلون المستشفى بسبب أمراض القلب المعروفة التي تزيد من خطر الإصابة بالسكتة القلبية المفاجئة للتثقيف والتدريب حول اجراء الإنعاش القلبي الرئوي CPR وايضا استخدام أجهزة مزيل الرجفان القلبي الخارجي automated external defibrillator

4) ايجاد الترتيبات الادارية والتشريعية والمهنية لضمان تدريب مقدمي الطب الرياضي على التعامل مع الحالات الطارئة وعلى اجراء الانعاش القلبي الرئوي.


مسؤولية المواطنين إذا حصلت وفاة فجأة في مكان عام:

1) عندما تحدث السكتة القلبية المفاجئة في الأماكن العامة، يكون معدل نجاح مهمة الإنقاذ منخفضا جدا في الواقع. هذا على الأرجح لأن معرفة الإنعاش القلبي الرئوي CPR ليست شائعة لدى عموم المواطنين، ولا يتم تثبيت أجهزة تنظيم ضربات القلب الخارجية الآلية (AED) بشكل شائع في الأماكن العامة.

2) يجب أن يكون عموم المواطنين مجهزين بالمعرفة الأساسية للإسعافات الأولية مثل الإنعاش القلبي الرئوي لأهميته بحالات الطوارئ.

3) عند مواجهة السكتة القلبية أو حالات الطوارئ الأخرى، اتصل بالإسعاف الفوري، وقم بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي على الفور وابحث عن جهاز AED قريب بسرعة. قد تنقذ حياة.

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي

الخبير في حقوق المرضى والاخلاقيات المهنية الطبية

٩١ مشاهدة

Comments


bottom of page