تدخين المراهقين مشكلة صحة عامة خطيرة لها عواقب فورية وعواقب طويلة الأمد. تشيرالابحاث ان بدء معظم الأشخاص المتعودين على التدخين يكون في مرحلة المراهقة، وأولئك الذين يبدأون في سن أصغرهم أكثر عرضة للادمان على النيكوتين ويواجهون صعوبة في الإقلاع عن التدخين، حيث لا يزال دماغ المراهق في طور النمو، وللنيكوتين تأثيرات على نظام المكافأة العصبي في الدماغ وفي مناطق الدماغ المشاركة في الوظائف العاطفية والمعرفية. تشير الأبحاث إلى أن التغيرات المرتبطة بالنيكوتين في هذه المناطق من الدماغ خلال فترة المراهقة قد تؤدي إلى استمرار استخدام التبغ حتى مرحلة البلوغ. وتساهم هذه التغييرات أيضًا في ارتفاع معدل الاضطرابات الأخرى الناجمة عن تعاطي المخدرات بين الأشخاص الذين يتعاطون التبغ خلال فترةالمراهقة.
الوقاية والعلاج لتدخين المراهقين واجب على الاسرة والحكومة: تدخين المراهقين مشكلة يمكن الوقاية منها وعلاجها وتتطلب جهودًا شاملة ومنسقة من العديد من القطاععات، وتشمل استراتيجيات الوقاية زيادة أسعار منتجات التبغ، وتقييد تسويق التبغ وبيعه للقاصرين، وتنفيذ سياسات منع التدخين في الأماكن العامة، وتثقيف الشباب حول أضرار استخدام التبغ، وتعزيز البدائل الإيجابية للتدخين.
تشمل استراتيجيات العلاج توفير خدمات الإقلاع عن التدخين التي يسهل الوصول إليها والفعالة للمراهقين الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين، مثل الاستشارة أو الأدوية أو التدخلات السلوكية. إن دعم المراهقين الذين يدخنون أو يستخدمون منتجات التبغ الأخرى للإقلاع عن التدخين يمكن أن يكون له فوائد كبيرة على صحتهم ورفاههم.
دور الاسرة في مواجهة تدخين المراهقين:
1) أغلب سلوكيات المراهقين تتشكل من محاكاة والاقتداء بسلوك الكبار في البيئة التي يعيشون بها وخاصة داخل الأسرة والمدرسة، فوجود الاب أو المعلم المدخن يزيد من احتمال تعود الطفل او المراهق على التدخين، فيتوجب على والد او أم الطفل او كلاهما ان يتوقفوا عن التدخين، وكلما كان توقفهما مبكرا كلما قل احتمال ممارسة التدخين من قبل أطفالهم. ولحين توقف الوالدين على التدخين عليهما أن لا يدخنا في المنزل او في السيارة أو أمام الأطفال في أي مكان.
2) التدخين مرتبط بفترة المراهقة التي يشعر خلالها المراهق انه مستقل ومتمرد على الواقع وأيضا بوجود رفقاء وأصدقاء متعودين على التدخين، فالتدخين موجود في دوائرهم الاجتماعية، وفي الأفلام التي يشاهدونها، والعاب الفيديو التي يشاركون بها، والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي التي يزورونها، فغالبا ما يصور التدخين بطريقة اجتماعية جاذبة للمراهق. يتواجب على الاهل التواصل مع المراهق بطريقة تخلو من العنف والتوبيخ، واعطاءه خيارات بديلة عن التدخين وتوضيح عواقب اختيار قرار التدخين، وشرح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة خداع وتضليل شركات الأفلام والعاب الفيديو وشركات التبغ بالدعاية له وترويج صورة إيجابية عن المدخنين مغايرة للواقع.
3) على الوالدين ان يضعوا قواعد واضحة في المنزل أن التدخين ممنوع حفاظا على الصحة وبيئة المنزل، وانه ممنوع أيضا في السيارة وفي أي أماكن تتواجد فيه أفراد الأسرة، وان منتجات التبغ بكافة أنواعها يمنع دخولها في المنزل. اثبتت الدراسات ان فرض قيود صارمة من قبل الاسرة على التدخين وعلى منتجات التبغ في المنزل تؤدي على خفض كبير في احتمال تعود مراهقين في هذه الاسر على التدخين.
4) وان ادعى انه لا يدخن يتوجب تكرار الشرح للمراهق عن عواقب التدخين بطريق الحوار وانتهاز أي مناسبة للقيام بذلك، بالتوضيح أن التدخين مرتبط بالأوخام والروائح الكريهة فهو يترك رائحة كريهة للفم وللملابس ويخلف تجاعيد في الوجه واللون الأصفر في الاسنان، وأيضا يتسبب بالسعال المزمن والتهاب القصبات الهوائية ويخفض القدرة على المشاركة في الألعاب الرياضية، ويتخلف عنه امراض خطيرة كسرطان الرئة والمثانة البولية وأمراض شرايين القلب ان كان تصلبها او الخثرة بها واحتشاء عضلة القلب، والسكتات الدماغية.
5) كلما سمحت الفرصة، اذكر امثلة للمراهق عن أمراض خطيرة وإعاقات ووفيات مرتبطة بالتدخين حدثت لأقارب أو أصدقاء او جيران يعرفهم المراهق، لتصل له رسالة واضحة ان عواقب التدخين ليست افتراضات أو توقعات بل حقيقية قاسية مرتبطة في الواقع والبيئة التي يعيشها المراهق.
6) يجب التوضيح للمراهق ان التدخين المتقطع او بعدد سجائر قليل، به خطر كامن للإدمان مستقبلا، وان الدراسات توضح ان أغلب المدمنين على التدخين كبار السن بدأوا التدخين في عمر المراهقة.
7) تكرار شرح تكلفة التدخين والطلب من المراهق حساب الأموال التي قد تصرف إذا أستمر في التدخين مقارنة مع احتمال استخدام هذه الأموال في احتياجات المراهق الهامة.
8) التواصل مع المراهق وأقناعه باستقلالية شخصيته وانه قادر على الاستمرار بلقاء أصدقائه المدخنين وبنفس الوقت انه قادر على رفض مشاركتهم هذا السلوك.
9) يجب ان يوضح للمراهق ان جميع اشكال التدخين ضارة وبشكل كبير رغم ما يشاع عن سلامتها، إن كانت السجائر الإلكترونية، او السجائر بنكهة الفواكه والحلوى والزهور، او النرجيلة.
9) يجب ان يوضح للمراهق ان جميع اشكال التدخين ضارة وبشكل كبير رغم ما يشاع عن سلامتها، إن كانت السجائر الإلكترونية، او السجائر بنكهة الفواكه والحلوى والزهور، او النرجيلة. ت التبغ، جميع هذه النشاطات من قبل الاهل ستكون رسالة غير مباشرة للمراهق في الأسرة ان عليه عدم المباشرة بالتدخين او التوقف عنه في أقرب وقت.
11) تجنب المواجهة والتهديد والعنف والقسوة على المراهق فهي لا تجدي ابدا في دفعه لوقف التدخين، بدل ذلك ابحث عن السبب الذي دفعه للتدخين، فقد تكون انت الوالد المدخن السبب وهو يقلدك أو قد يكون المعلم، او الأصدقاء، فيتوقع من الوالدين استخدام ما ورد أعلاه بصبر وحكمة واستمرار اظهار الود والمحبة للمراهق.
دور الأسرة لا يكتمل الا بتحمل الحكومة مسؤوليتها:
1) منع شركات التبغ المحلية والعالمية للترويج له بأي طريقة كانت، لان الترويج يستهدف المراهقين والكبار وأن ادعت شركات التبغ عكس ذلك من انها تستهدف الكبار فقط.
2) منع جميع منتجات السجائر التي قد تجذب المراهقين مثل السجائر الإلكترونية والسجائر بنكهات الحلوى والفواكه والزهور.
3) الاستمرار في رفع الأسعار والضرائب والجمارك.
4) حظر استخدام منتجات النيكوتين على شكل أقراص أو سعوط، وهذه تؤدي للإدمان على النيكوتين تماما كالتبغ.
5) التزام وزارة الصحة بتطبيق المواد من 52 إلى 56 من قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 والتي تحظر بيع التبغ للأطفال وتمنع التدخين في ألاماكن العامة بما فيها المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ودور السينما والمسارح والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية وغير الحكومية العامة ووسائط نقل الركاب. الالتزام بتطبيق هذا القانون سيخفض بكل تأكيد عدد المراهقين المدخنين.
6) التزام وزارة الداخلية بعقاب كل من يبيع التبغ للأطفال والمراهقين حسب المادة 4 من قانون مراقبة سلوك الأحداث رقم 37 لسنة 2006.
7) تصميم وتنفيذ ورصد تنفيذ برامج واستراتيجيات للوقاية من تدخين المراهقين متعددة القطاعات ومستدامة التمويل، يسترك بها وزارة الصحة بما في ذلك الصحة المدرسية، ووزارة التربية والتعليم ووسائل الاعلام، وزارت الداخلية والمؤسسات الإعلامية والأكاديميين، ويرصد لها تمويل من رفع الضرائب على منتجات التبغ المختلفة.
العمل على تجنب مباشرة التدخين او توقف ابنك المراهق عن التدخين، هو أثمن هدية تقدمها له تنفعها طوال عمره.
الدكتور هاني جهشان مستشار أول الطب الشرعي
الخبير في حقوق الطفل
Comments