التنمر انتهاك لحقوق الطفل ومن ينتهك حقوق الطفل ليس من تنمر عليه او مدير التربية او مدير المدرسة أو المدرس الذين تهاونوا بالرقابة... من انتهاك حقوق الطفل هي الجهة التي خولها الدستور الأردني والاتفاقيات الدولية أي وزارة التربية والتعليم بالحفاظ على هذه الحقوق...
المستغرب ما نشره وزير التربية والتعليم يطلب من على تويتر {فتح حوار جاد يتناول ليس فقط المتنمر والضحية ولكن أيضا مسؤولية الذي يقف متفرجا إزاء حالات العنف من غير ان يحرك ساكنا}...
وزارة التربية والتعليم هي التي يتوقع منها ان لا تقف متفرجة بل كان من المتوقع أن يلقي الوزير الضوء بتغريدته على الفجوات والتحديات والعقبات التي تواجه الوزارة حول التراخي بالتعامل مع العنف والتنمر لأن الوزارة بداعي وجودها هي من تتحمل المسؤولية اولا.
مسؤولية وزارة التربية والتعليم نحو ظاهرة التنمر، اسئلة لوزير التربية والتعليم: كم عدد حالات التنمر المبلغ عنها؟ ما هي آلية التبليغ الحالية؟ لمن يتم التبليغ؟ وكيف يتم الاستجابة لها وعلى اي مستوى؟ المدرسة أو مديرية التربية والتعليم او زارة التربية والتعليم؟ هل هناك ضمان التبيلغ على جميع الحالات؟ كيف يتم التعامل مع الحالات التي يتم التستر عليها من قبل المدرسة والمعلمين؟ هل هناك إجراءات معلنة لتقبل شكاوي الاهالي عن تعرض أبنائهم للتنمر؟ ما هي نتائج الدراسات التي اجرتها الوزارة عن التنمر في الأردن؟ ما هي برامج التوعية للطلاب والمعلمين وللعامة عن المشكلة؟ ما هي البرامج غير المنهجية للوقاية من التنمر المطبقة حاليا؟ ما هي برامج الوزارة لضمان بيئة آمنة للأطفال ومدارس صديقة للأطفال؟
التنمر من أكثر أشكال العنف شيوعيا ضد الأطفال في المدرسة وهو من أشكال العنف التي لا يُبلغ عنها ويتم التسامح معه في أغلب الاحيان وربما بالتغاضي عنها من قبل المعلمين وإدارة المدرسة ومديرية التربية والتعليم ووزارة التربية والتعليم وأيضا من قبل واضعي السياسات والقوانين الرسمية باعتبار أنها لا تستحق الدراسة والبحث والنقاش وذلك بالرغم مما تتركه من أذى بليغ وعواقب سلبية على الأطفال. إن التنمر يجب ألا يتم التسامح إزاءه، والحقيقة المؤلمة لكثير من الأطفال هي أن المدارس بيئة خصبة لتعرضهم لهذا الشكل من العنف مما يحرمهم من حقهم بالتعليم وحقهم بحياة خالية من العنف كما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل.
المدرسة هي مكان يتوقع أن يتوفر به الأمن والسلامة والحماية من أي أذى بهدف الحفاظ على رفاه الأطفال وتأمين نموهم وتطورهم بشكل طبيعي، بالإضافة لتنمية قدراتهم الإدراكية والمعرفية.
قيم اللاعنف وقبول الآخرين يتوقع أن تكون سائدة في كافة المراحل التربوية؛ من الحضانة إلى المدرسة الثانوية، ويشمل ذلك المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة وغير الرسمية، وأماكن التعليم الديني، ومراكز التعليم المهني، الدروس الخاصة، والمدارس اليومية والصيفية.
العنف المدرسي ضد الطالب يشمل:
الاعتداء الجسدي على جسم الطالب الضحية او التهديد به.
العنف النفسي يشمل الإساءة اللفظية و النبذ والإهمال وبث الإشاعات والأكاذيب عن الطفل وإطلاق الأسماء التي تلحق الوصمة بالطفل وإذلاله.
العنف الجنسي ويشمل التحرش باللمس او بالكلام الجنسي او بأنشطة جنسية قصرية.
تعريف التنمر:
يتميز التنمر عن "حدث عنف منفصل" بكونه متكرر ويزداد قسوة وشدة إذا لم يتم التعامل معه وإيقافه، وهو عبارة عن سلوك عدائي متكرر من قبل معتدي او أكثر على الطالب الضحية بتوفر تفاوت حقيقي او منظور بالقوة بينهما وبشعور الضحية بالعجز والضعف بالدفاع عن نفسه وبسيطرة المعتدي عليه. التنمر يشمل الضرب والركل وتحطيم ملحقات الطفل، العنف اللفظي، الاستهزاء، التوبيخ، السخرية، الإذلال والتحقير، نشر الشائعات، والنبذ من مجموعات الأصدقاء.
يتضمن التنمر عبر الإنترنت نشر رسائل إلكترونية وصور ومقاطع فيديو عبر الشبكة العنكبوتية او الهواتف الخلوية تهدف إلى مضايقة الطفل وتشويه سمعته وتهديده بإرسالها له مباشرة او لأصدقائه وزملائه بالمدرسة. يشمل التنمر عبر الإنترنت أيضا استهداف الطفل واستغلاله جنسيا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة والمدونات ويهدف ذلك للتشهير به.
يتضمن التنمر عبر الإنترنت نشر شائعات أو نشر معلومات كاذبة أو رسائل مؤذية أو تعليقات أو صور محرجة أو استبعاد الطفل من مجموعات الدردشة عبر الإنترنت. هذا النوع من التنمر يسمح للمعتدي أي يبقى مجهول الهوية، ويكرر الاعتداء باي وقت، ويتفاقم الخطر بكون الرسائل والصورة المستخدمة تنتشر بسرعة هائلة إلى جمهور واسع وعلى الاغلب ان يفقد السيطرة عليها كليا.
جذور التنمر:
عوامل الخطورة لشيوع العنف في المجتمع بشكل عام ينعكس على شيوع العنف والتنمر في المدرسة، وتشمل هذه العوامل حسب النموذج البيئي لمنظمة الصحة العالمية أربعة مجموعات تتعاضد مع بعضها البعض لتزيد من احتمال حدوث العنف وهي كما يلي:
العوامل الفردية المتعلقة باضطرابات الشخصية والامراض النفسية والتعود على المواد المهلوسة والمخدرة.
العوامل المتعلقة بالعلاقات الأسرية والتي تشمل التفكك الأسري والطلاق وغياب التواصل ما بين أفراد الأسرة، وأيضا العلاقات مع رفقاء السوء والأحداث الجانحين.
العوامل المتعلقة بالمجتمع المحلي والتي تشمل الفقر والبطالة والاكتظاظ السكاني وشيوع المخدرات.
العوامل الاجتماعية التي تعظم ثقافة تقبل العنف وتربطه بالرجولة والقوة والهيبة.
تشكل العوامل السابق ذكرها القاعدة الأساسية لشيوع العنف والتنمر في المدرسة، الا ان العنف والتنمر يزداد احتمال حدوثه بتوفر عوامل إضافية تتعلق بالمدرسة نفسها وأهمها:
غياب تشريعات واضحة تتعامل مع الوقاية والاستجابة للعنف المدرسي والتنمر، وضعف البرامج المتعلقة بزيادة الوعي لمبدأ اللاعنف للأطفال والمعلمين والأهالي، والاستمرار بعدم إقرار قانون حقوق الطفل دليل على ذلك.
غياب تطبيق سياسات ونظم تدريس لا عنقية صديقة للأطفال حيث إن احتواء المناهج والكتب المدرسية على مبادئ تعظم العنف والتمييز ضد الأطفال الضعفاء تشكل عوامل خطورة لشيوع العنف والتنمر.
عدم تطبيق تعليمات الضبط المدرسي بانتظام وعدالة ومساواة وشفافية وعدم المحافظة على مرافق المدرسة نظيفة وسليمة وضعف الإدارة المدرسية في السيطرة المهنية الأكاديمية والإدارية على الطلاب.
البيئة المدرسية غير الصديقة للطفل تتمثل في عدم كفاية أو غياب الإرشاد التربوي والاجتماعي، غياب الرقابة المستمرة على مرافق المدرسة وساحاتها، وغياب برامج محددة تراعي احتياجات الأطفال المستضعفين.
غياب أو ضعف المشاركة الطلابية في برامج وأنشطة المدرسة، وغياب أو ضعف البرامج غير المنهجية، وغياب أو ضعف دور المدرسة في أنشطة المجتمع المحلي.
غياب أو ضعف برامج تدريب المعلمين على وسائل الضبط اللاعنفية الموجهة للطفل والتي يتوقع ان تعلم الطفل التحكم بالذات واحترام المجتمع والقدرة على اتخاذ القرارات وتطبيق العدل والمساواة وتعلم المهارات الاجتماعية، والتعاطف مع الآخرين، وأيضا بناء قدرة الطالب على التعامل مع الصعاب والتحديات، ودعم مبدأ التضامن والانتماء للمدرسة رغم الاختلافات ما بين الطلاب.
تقبل عنف المعلمين ضد الأطفال بسبب شيوع المعايير الاجتماعية التي تدعم السلطة المطلقة للمعلم بالتعامل مع الطلاب والتي تضفي الشرعية على استخدام العنف في المدرسة للحفاظ على الانضباط والسيطرة وهذه المعايير والسلوكيات المرتبطة بها تنتقل تلقائيا لتكون المرجع في تعامل الأطفال ما بينهم وبالتالي حدوث التنمر، كما ان استخدام العنف والعقاب الشديد ضد الطفل الذي ارتكب التنمر يؤدي لرد فعل سلبي وبالتالي تفاقم وتكرار ارتكاب التنمر.
المعرضين لخطر التنمر أكثر من غيرهم: أطفال الفئات المنبوذة بالمجتمع، الأطفال الفقراء، الأطفال الضعفاء جسديا، الأطفال اللذين يعانون من السمنة، الأطفال من اثنيات مختلفة عن المجتمع المحلي، لون الجلد، اللغة او اللهجة المختلفة، الأطفال المهاجرين والنازحين، الأطفال بلا مأوى، أطفال الأقليات والأطفال ذوي الإعاقة والذين يعانون من التوحد وصعوبات التعلم.
مسؤولية وزارة التربية والتعليم في مواجهة التنمر من الناحية الإجرائية:
إلزام المدارس الحكومية والخاصة بوضع وثيقة لخطة عمل قابلة للتنفيذ، على ان تتخذ الوزارة الإجراءات الصارمة في ضبط تنفيذ خطة العمل هذه في كافة المدارس.
الهدف الرئيس من خطة العمل الترويج لفكرة أن التنمر غير مقبول مطلقا في كافة مرافق المدرسة وكافة أوقات الدوام وخلال الانتقال من المدرسة للمنزل إن كان بواسطة مركبات نقل الطلاب أو بأي وسيلة أخرى، والمستهدفون بالإضافة للطلاب، المعلمين والموظفين الإداريين وموظفي الأمن والمقصف والنظافة.
الاتفاق على المستوى الوطني على تعريف موحد للتنمر وعلى أنواعه وعلى عواقبه، وعلى شيوعه تبعا للبيئات المجتمعية المتفاوتة.
على المستوى الوطني على الحكومة توثيق مسؤوليات وإجراءات محددة وموحدة قابلة للتنفيذ والرصد، تهدف للتعامل مع التنمر وقائيا وعند الاستجابة لحدوثة، وتكون موجهة للطلاب والمعلمين والأهل ومدراء المدارس ومدراء التربية.
على مستوى كل مدرسة يجب وضع وتنفيذ ورصد برنامج وقائي من التنمر.
التوعية وكسب التأييد على مستوى كل مدرسة لتحديد أي سلوكيات قد تؤدي للتنمر والتشجيع على الاستجابة والتبليغ عند حدوث حالة تنمر.
وضع دليل إجراءات واضح ومبسط عن كيفية التبليغ ولأي جهه، عند حدوث التنمر، يستخدمه الطلاب والمدرسين وإدارة المدرسة.
ضمان ان تكون الاستجابة لحالات التنمر بنفس المرجعية وبعدالة ودون محاباة.
ضمان توفير الدعم النفسي والاجتماعي لكل طالب تعرض للتنمر أو أشترك به أو شاهده.
الالتزام بالإجراءات القانونية والإدارية حسب ظروف كل حالة تنمر بمرجعيات التشريعات السائدة، عند التعامل مع أهالي الضحية والمعتدي.
توثيق أنماط التنمر في كل بيئة مدرسية، والنقاط الساخنة في كل مدرسة يحدث بها التنمر أكثر من غيرها، لتوفر القاعدة لإجراءات وقائية حقيقية.
توفير إجراءات واضحة لقبول الشكاوى من الاهل حول تعرض أبنائهم للتنمر بمرجعية معلنة شفافة وبعدالة.
توفير معلومات للطلاب والمدرسين والموظفين وللأهالي عن الحالات التي تستوجب تبليغ الشرطة والنيابة العامة.
توفير المعلومات وبكافة الوسائل العادية والرقمية عن إجراءات التعامل مع حالات التنمر، على المستوى الوطني والمجتمع المحلي وعلى مستوى المدرسة.
مراجعة وتطوير خطة العمل سنويا على المستوى الوطني والمحلي ومستوى المدرسة.
دراسة واقع حال التنمر وأشكاله وطرق الاستجابة له، بحثيا من قبل الأكاديميين، لتكون النتائج مرجع حقيقي في البرامج الوقائية وبرامج الاستجابة لحالات التنمر. عندما يتعلق الأمر بمستقبل الوطن لا مجال للتراخي بحماية الأطفال؛ رجال الغد من الإذلال والتنمر والعنف.
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي الخبير بالوقاية من العنف
Comments