فرق مراجعة وفيات الأطفال هي مجموعات متعددة التخصصات تهدف إلى تحليل وفيات الأطفال في مناطق أو بلدان معينة، وتحديد الأسباب والعوامل المساهمة فيها، وتقديم التوصيات للحد منها. وتشمل هذه الفرق عادة ممثلين من قطاعات الصحة والتعليم، والعدالة، والخدمات الاجتماعية، وغيرها. وتستند فرق مراجعة وفيات الأطفال إلى المبدأ الأساسي أن كل طفل له الحق في الحياة، وأن كل وفاة طفل يجب أن تُسجَّل وتُحقَّق فيها، وأن يتم اتخاذ إجراءات لمنع حدوث حالات مماثلة في المستقبل.
وفقاً للتقرير الصادر عن اليونيسيف، فإن 15,000 طفل يموتون يومياً قبل عامهم الخامس، ومنهم 7000 طفل في الأيام الأولى من حياتهم. وتشير الدراسات إلى أن معظم هذه الوفيات يمكن تجنبها بتحسين جودة الرعاية الصحية، والاجتماعية، والقانونية للأطفال، والأمهات.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، توفي ما يقدر بنحو 5,2 ملايين طفل دون سن الخامسة في عام 2019 لأسباب يمكن تلافيها ومعالجتها أساسًا. وتتمثل الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال دون سن الخامسة في مضاعفات الولادة المبكرة، واختناق رضح الولادة، والالتهاب الرئوي، والتشوه الخلقي، والإسهال، والملاريا، وهي كلها أمراض يمكن الوقاية منها أو علاجها من خلال إتاحة تدخلات بسيطة وميسورة التكلفة. كما تشكِّل الإصابات (بما في ذلك حوادث المرور على الطرق) سببًا رئيسًا لوفيات الأطفال بين سن 5-9 سنوات.
أهمية وجود الفريق:
إن فرق مراجعة وفيات الأطفال تلعب دورًا هامًا في تحسين فرص بقاء الأطفال على قيد الحياة وعافيتهم، من خلال توليد بيانات دقيقة عن أسباب الوفاة، وتحديد نقاط التدخل المحتملة، وتشجيع التغيرات في الممارسات، أو التشريعات، أو التغذية، أو التثقيف، أو التأمين الصحي، أو جودة خدمات الصحية.
تعمل فرق مراجعة وفيات الأطفال على جمع وتحليل البيانات حول كل حالة وفاة للطفل، وتحديد العوامل المساهمة فيها، وتقييم مستوى التدخل المتاح، وتطوير خطط عمل لتنفيذ التغييرات المطلوبة. بعض المهام التي تقوم بها فرق مراجعة وفيات الأطفال بإنشاء نظام موحد لإبلاغ عن وفيات الأطفال في جميع المستويات (المحلية، والإقليمية، والوطنية)، و إجراء تحقيقات شاملة حول ظروف وأسباب وفيات الأطفال، بمشاركة جميع الجهات المعنية، وتحديد الثغرات والنقاط الضعيفة في نظام الرعاية للأطفال، وتحديد الإجراءات التصحيحية الممكنة، و رصد وتقييم تنفيذ التوصيات، وقياس التأثير على معدلات وفيات الأطفال، و نشر التقارير والنتائج، وتبادل المعارف والخبرات مع الجهات المعنية الأخرى.
تعريف "فريق مراجعة وفيات الأطفال": هو مجموعة من المهنيين في قطاعات القانون والصحة والخدمات الاجتماعية، ومؤسسات المجتمع المدني، يهدف لتطبيق نظام وطني لمراجعة وفيات الأطفال لتحسين صحة ورفاه الطفل، ولتوفير الأمن والآمان له، بخفض عدد الوفيات والإصابات الشديدة الناتجة عن الإصابات العرضية أو المقصودة والوفيات الغامضة، بتعديل السياسات والتشريعات ولا يهدف لتقديم الخدمات او التقصي الجنائي أو الاجتماعي. يكون عادة على مستوى المستشفى او مديرية الصحة في المنطقة الجغرافية، او مستوى المحافظة أو مستوى الدولة.
يهدف "فرق مراجعة وفيات الأطفال متعددة القطاعات" إلى تطبيق نظام وطني لمراجعة وفيات الأطفال لتحسين صحة ورفاه الطفل، ولتوفير الأمن والآمان له، بخفض عدد الوفيات والإصابات الشديدة الناتجة عن الإصابات العرضية أو المقصودة، والوفيات بظروف غامضة أو وفيات الاخطاء الطبية، بتعديل السياسات والتشريعات وليس حصرا بالخدمات او بالتقاضي، وذلك عن طريق تحسين المسح والتقييم والتعرف والتبليغ عن حالات العنف ضد الأطفال لدى التعامل من الإصابات الشديدة الواقعة على عليهم او الوفيات الغامضة او الوفيات بظروف إهمال، وتقوية نظام حماية الأطفال بهدف تحمله مسؤولياته بالتعلم من دراسة حالات العنف ضد الأطفال القاتلة والشديدة، وتحليل المعلومات، ونشر التقارير والأبحاث، وتوضيح المسؤوليات والمهام للقطاعات المختلفة، وتعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة بتفهم كل قطاع أدوار القطاعات الأخرى، وتعميم المعلومات على نطاق جغرافي واسع، ودعم الممارسات الجيدة، ووقاية أفراد الأسرة من العواقب النفسية لوفيات الأطفال.
يتصف فريق مراجعة وفيات الأطفال بأنه متعدد المهن، ومتعدد القطاعات، ومتعدد المؤسسات، شاملا للمهن الصحية والقضائية والشرطية والإجتماعية، العاملة في المؤسسات الحكومية والتطوعية وفي القطاع العام والخاص، ومن الممكن أن يبداء تطبيقه على مستوى محلي كمستشفى بهدف الوصول إلى فريق على المستوى الوطني.
مهمة الفريق المحورية هي مراجعة وفيات الأطفال المفاجئة وغير المتوقعة التي لا تفسير لها وأيضا وفيات الأطفال الناجمة عن الإصابات الشديدة إن كانت بظروف غامضة أو مشتبهة أو بظروف عرضية ناجمة عن إهمال أو كونها ناجمة عن عنف.
أهم التحديات التي من المتوقع أن تعيق أنجاز هذه المهمة هو عدم الرغبة بالمشاركة كقطاعات مهنية متعددة بسبب النزعة الفردية أو التنافس السلبي أو بسبب عدم وضوخ التخصصات المهنية أو التوزيع الجغرافي للخدمات المختلفة، وكذلك غموض وتناقض المرجعية الأخلاقية والقانونية بخصوص الحفاظ على السر المهني وبين المبادرة بحماية الطفل بالتبلغ، وعائق أخر هو عدم كفاية نظم المعلومات، والتي تشمل الإحصاءات، معلومات الخروج من المستشفى، ملفات المحاكم، وأوراق الأحوال المدنية.
دور الطب الشرعي: التعامل مع وفيات الأطفال المفاجئة والغامضة على المستوى الوطني، ضمان وجود مرجعيات قانونية وإدارية للتحقيق في جميع وفيات الأطفال على المستوى الوطني بشكل مرجعي ثابت، التبليغ عن جميع حالات وفيات الأطفال المفاجئة والغامضة لمراكز الطب الشرعي، وضمان توفير المعلومات عن كل مسرح وفاة طفل مفاجئة أو غامضة للطبيب الشرعي قبل إجراء التشريح، وايجاد مركز للمعلومات عن وفيات الأطفال المفاجئة والغامضة على المستوى الوطني.
توصية بإحداث نظام متكامل للتعامل مع وفيات الأطفال المفاجئة والغامضة يهدف إلى توثيق مسرح وفاة الطفل بالوسائل التقنية الرقمية (كتابة وصورا) والاطلاع عليه من قبل الطبيب الشرعي قبل إجراء التشريح لأي حالة، وتوفير مصدر معلومات محدث بشكل دائم للمحققين من الشرطة والادعاء العام، توثيق سبب الوفاة وظروف الوفاة بطريقة مرجعية محوسبة، وتوفير المعلومات لفرق مراجعة وفيات الأطفال الوطنية والمحلية وعلى مستوى المستشفيات، وإعداد تقارير مسرح الوفاة، وإعداد تقارير الكشف الطبي الشرعي التشريحي.
فوائد النظام المتكامل للتعامل مع وفيات الأطفال المفاجئة والغامضة، هو استكمال إجراءات الطب الشرعي بشكل مهني فني وقانوني، استكمال إجراءات التحقيق بشكل متسق ومتكامل، وإجراء الدراسات المسحية عن كافة وفيات الأطفال، وتحديد عوامل الخطورة المرتبطة لكل تصنيفات وفيات الأطفال، وتوفير المعلومات الموثقة المعتمدة للأبحاث.
يخلص عمل الفريق إلى إتباع إجراءات متفق عليها تحدد دور كل قطاع ولا تتقاطع مع الادوار للقطاعات الأخرى، وسبل التشارك بالمعلومات وجمع الأدلة والتعامل مع مكان وقوع حدث الوفاة وبالتالي مراجعة ودراسة الملفات لإستخلاص الدروس في مجال الوقاية والسياسات، وتحمل المسؤولية.
إن فرق مراجعة وفيات الأطفال هي أداة قوية لتحسين صحة ورفاهية الأطفال، ولكنها تتطلب التزاماً سياسياً ومؤسسياً، وتخصيص الموارد اللازمة، وتعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة، إن إنشاء مثل هذا الفريق هو إستثمار في مجال الصحة العامة بالوقاية الأولية من العنف والإهمال والإصابات من خلال الاستفادة من المعرفة المتعاظمة والمستسقاة من خبرات القطاعات المعنية في الميدان واستخدامها في مجال وضع السياسات الوقائية وتحديث التشريعات وبالتالي توفير ظروف حياة آمنة للأطفال.
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي
الخبير في حقوق الطفل والوقاية من العنف والاصابات
Comments