تعريف العنف حسب مراجع منظمة الصحة العالمية: العنف هو استخدام القوة أو التهديد بالقوة ضد النفس أو ضد شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع، بقصد إلحاق الإصابة أو الوفاة أو الضرر النفسي أو سوء التنمية أو الحرمان. وهو يشمل أشكالًا مختلفة مثل العنف الذاتي، والعنف بين الأفراد، والعنف الجماعي، والعنف المؤسسي، والعنف المستند إلى الجنس، والعنف ضد المرأة، والعنف ضد الأطفال، والعنف ضد ذوي الإعاقة، والعنف ضد كبار السن. التقرير ادناه يستعرض العواقب الصحية للعنف بين الاشخاص ان كان داخ الأسرة او خارجها.
يؤثر العنف بأشكاله المتعددة على صحة الضحايا والجناة والاسر والمجتمعات التي يعيشون بها. في هذا التقرير نستعرض الأدلة العلمية المسندة بالأبحاث المتعلق بالعواقب الصحية للعديد من أشكال العنف، بما في ذلك إساءة معاملة الأطفال الجسدية والجنسية والنفسية، والعنف الزواحي، وإساءة معاملة المسنين، والعنف الجنسي، وعنف الشباب، والتنمر. أصبحت الآثار البيولوجية للعنف مفهومة بشكل متزايد وتشمل التأثيرات على الدماغ وعلى نظام الغدد الصم وعلى الحالة العصبية وأيضا على الاستجابة المناعية. على العموم تشمل العواقب الصحية للعنف، زيادة حالات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة والانتحار، أيضا هناك زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري، وحدوث الوفيات المبكرة. تختلف العواقب الصحية للعنف باختلاف عمر وجنس الضحية وكذلك نوع العنف وشدته والعلاقة بين الضحية والجاني. قد يتعرض الضحايا لأكثر من شكل واحد من العنف في نفس الوقت، وعندها تكون العواقب والآثار الصحية للعنف تراكمية حسب كل نوع من انواع العنف هذه.
في العقود الثلاثة الماضية، أصبح العنف بين الأشخاص (المشار إليه فيما يلي باسم "العنف") لا ينظر إليه على أنه قضية قانونية وعدالة جنائية فحسب، بل أيضا أصبح ينظر اليه كمشكلة صحية عامة. يمكن أن يؤثر العنف على الناس في كل مرحلة من مراحل حياتهم، وكذلك على حياة الأجيال القادمة.
في هذا التقرير، نناقش الأدبيات المتعلقة بالآثار الصحية قصيرة وبعيدة الامد لمختلف أشكال العنف بين الأشخاص، بدءا من الاعتداء الجسدي والجنسي على الأطفال ومن ثم العنف الاسري والعنف الزواجي، وإساءة معاملة المسنين، والعنف الجنسي، والتنمر، وعنف الشباب، والعنف بين الأشخاص البالغين، والعنف في المجتمع.
الآليات البيولوجية للآثار الصحية للتعرض للعنف
لقد درست الإصابات الجسدية الناجمة عن العنف على نطاق أوسع من دراسة آثار العنف على الصحة النفسية والعقلية، الا انه تم تكثيف العمل في هذا المجال الأخير في العقدين أو الثلاثة عقود الماضية. إن تطور علم الأعصاب ودراسة آثار البيئة على جوانب متعددة من البيولوجيا البشرية، ودراسة التجارب السريرية العشوائية قد أوضحوا كيف يمكن أن يؤثر التعرض للعنف بأشكاله المختلفة سلبا على الصحة.
في العقود الماضية تم دراسة العواقب الجسدية للعنف بشك جيد، الا انه تم مؤخرا التركيز على دراسة العواقب العصبية والنفسية للعنف، وقد ثبت ان التعرض للعف بأشكاله المختلفة يؤثر سلبا على جميع مناحي الصحة.
تجارب الطفولة المناوئة:
اثبتت الدراسات المسندة المتعلقة في "تجارب الطفولة المناوئة"Adverse childhood experiences (ACEs) والتي يتعرض لها الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، أن هذه التجارب تؤدي لاحقا في مرحلة البلوغ وحتى بعد عشرات السنين الى تعرضهم لمخاطر متزايدة للإصابة بأمراض القلب والسرطان وتعاطي المخدرات والاكتئاب وضعف العلاقات الاجتماعية والجنوح وارتكاب الجرائم وسلوكيات المخاطرة والسلوكيات السلبية. عصبيا يرافق “تجارب الطفولة المناوئة” تغيرات في بنية وحجم ووظيفة المادة البيضاء والرمادية في الدماغ، ويرافقها أيضا تغيرات في استقلاب الناقل العصبي، وتغيرات في استجابة الغدد الصماء للإجهاد العصبي، وتؤدي هذه التجارب أيضا الى المعاناة من الالتهابات المزمنة والمستعصة، وضعف استقلاب الجلوكوز، وتغيرات في سلوك عدوى وامراض البكتريا Normal Flora الموجودة طبيعيا على الجلد وفي امعاء الانسان.
اثار وعواقب "تجارب الطفولة المناوئة" تكون أكثر وضوحا وشدة إذا تم التعرض لها خلال مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة الا ان التعرض للعنف في وقت لاحق من الحياة يمكن أن يكون له آثار بيولوجية مماثلة.
عواقب "تجارب الطفولة المناوئة" وآثارها البيولوجية تتأثر بعوامل أخرى تتقاطع معها وقد تعمل على تعديلها مثل العوامل الوراثية وخصائص واشكال وأنواع التعرض لهذه التجارب وأيضا تعدل او تتغير تبعا للسياق الاجتماعي وماهية المجتمع المحلي وفيما إذا كان التعرض لها مزمنا او التعرض لأكثر من شكل من هذه التجارب.
إساءة معاملة الأطفال الجسدية والجنسية
يتم تعريف إساءة معاملة الأطفال على أنها سوء معاملة جسدية أو جنسية أو عاطفية لأي طفل قاصر من قبل أحد الوالدين أو القائم بالرعاية.
العواقب الصحية لإساءة معاملة الاطفال: اثبتت عدة دراسات عالمية محكمة ان تعرض الطفل للإساءة الجسدية أو الجنسية في مرحلة الطفولة يرتبط بزيادة المخاطر طوال الحياة للأمراض العقلية والنفسية مثل الاكتئاب (3 أضعاف)؛ محاولات الانتحار والتفكير في الانتحار (3.4 صعف)؛ تعاطي المخدرات بما في ذلك التدخين وتعاطي الكحول (1.9صعف)؛ السمنة (1.3 ضعف)؛ الامراض المنقولة جنسيا او السلوك الجنسي المحفوف بالمخاطر أو كليهما (1.8 ضعف)؛ والأمراض المزمنة مثل التهاب المفاصل والقرحة والصداع النصفي. ترتبط الإساءة الجسدية والجنسية في مرحلة الطفولة أيضا بزيادة احتمال التعرض للعنف لاحقا او في مرحلة البلوغ او بعد عدة سنوات.
الذكور والإناث الذين تعرضوا للإساءة الجنسية في مرحلة الطفولة يتعرضون مجددا لعنف جنسي وهم في مرحلة المراهقة او مرحلة البلوغ بنسبة تصل الى 29% من الحالات وينخرطون في ارتكاب العنف الجنسي بنسبة تصل إلى 10% من الحالات. احتمالات السلوك الجانح والعنيف أعلى بمقدار 1.7 مرة بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا للإساءة الجنسية في مرحلة الطفولة مقارنة بأولئك الذين لم يتعرضوا لهذه الإساءة.
تشير الدراسات انه مقارنة بالمراهقين الذين لم يتعرضوا للإساءة الجسدية في مرحلة الطفولة، فإن أولئك الذين تعرضوا لهذه الإساءة هم أكثر عرضة بنسبة 1.8 ضعف لحمل سلاح وارتكاب الجنح. كما تشير هذه الدراسات أن 25 في المائة من الأسلحة المبلغ عنها المحمولة من قبل الشابات تعزى إلى تجارب الإساءة الجنسية في مرحلة الطفولة. هذه العواقب والسلوك الجانح والعنيف وحمل السلاح تسلط الضوء على العواقب المحتملة على مستوى المجتمع المحلي للإساءات الجسدية والجنسية في مرحلة الطفولة.
العنف ضد المرأة، العنف الاسري
يعرف العنف ضد المرأة بأنه العنف الجسدي والعنف الجنسي وإلحاق الأذى النفسي من قبل زوج حالي أو سابق. في الدول الغربية هناك أكثر من واحدة من كل ثلاث نساء (36.4 في المائة) وحوالي واحد من كل ثلاثة رجال (33.6 في المائة) يبلغون عن تعرضهم لمثل هذا العنف في حياتهم وهذه النسب في المجتمعات العربية هي أكبر يما يخص النساء واقل بما يخص الذكور. أكثر أشكال العنف ضد المرأة الزوجة تطرفا هو القتل. ويرتبط أكثر من نصف جرائم قتل النساء (55.3 في المائة) بهذا الشكل من العنف.
العواقب الصحية للعنف ضد المرأة: تشير الأبحاث والإحصاءات في المجلات العلمية انه بالمجتمعات الغربية، أكثر من 40 في المائة من النساء وحوالي 15 في المائة من الرجال يتعرضون لإصابات خلال العنف الزواجي، غالبا في الرأس أو الرقبة أو الوجه. الضحايا معرضون أيضا لخطر الإصابة بالربو (23.7 في المائة)، واضطرابات الجهاز الهضمي (مثل متلازمة القولون العصبي، 12.4 في المائة)، والصداع المتكرر (28.7 في المائة)، والألم المزمن (29.8 في المائة)، والأمراض المنقولة جنسيا (4.3 في المائة). تشمل عواقب تعرض المرأة للعنف معاناتها من الأمراض العقلية مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة والانتحار والأمراض العقلية المزمنة.
العواقب العصبية والنفسية للعنف ضد المرأة هي صعوبة في النوم (37.7 في المائة)، والألم المزمن (29.8 في المائة)، والصداع المتكرر (28.7 في المائة). يؤثر العنف الزواجي على كل من الرجال والنساء، ولكن تتعرض النساء للإيذاء الشديد الذي يؤدي إلى الإصابة والحاجة إلى الرعاية الطبية. قد تكون العواقب الصحية مرتبطة بالسلوكيات الضارة بالصحة، مثل التدخين وتعاطي المخدرات، وأيضا العنف يقلل من قدرة الضحايا على الاستقلال الاقتصادي، لأنه يؤدي إلى فقدان الإنتاجية، والتغيب عن العمل أو المدرسة، والبطالة، وعدم الاستقرار السكني.
العواقب على أطفال المرأة المتعرضة للعنف: تمتد العواقب إلى ما هو أبعد من معاناة المرآة الضحية، فيعاني الأطفال في الاسر التي تتعرض بها المرأة للعنف من عواقب نفسية واجتماعية وجسدية ومعرفية (مثل عدم التنظيم العاطفي واضطراب السلوك)، وتتفاقم معاناة هؤلاء الأطفال في الأسر المرتبط افرادها بتعاطي المخدرات واضطرابات الشخصية وانخفاض الدخل وانخفاض الدعم الاجتماعي.
إساءة معاملة المسنين
تعرف إساءة معاملة المسنين بأنها فعل متعمد، أو فشل في تقديم الرعاية، من قبل مقدم رعاية (أو شخص آخر في علاقة تنطوي على توقع الثقة) يخلق خطر إلحاق الأذى بشخص يبلغ من العمر ستين عاما أو أكثر. يعاني منه حوالي 10 في المائة من الأشخاص في تلك الفئة العمرية الذين يعيشون في المنزل، وتشير الأبحاث المجتمعية انه مقابل كل حالة تم الإبلاغ عنها أو اكتشافها لإساءة معاملة المسنين، لا تزال حوالي ثلاث وعشرين حالة غير مبلغ عنها وغير مكتشفة. تشمل أنواع إساءة معاملة المسنين الإساءة الجسدية، والجنسية، والنفسية، والإهمال. قد يكون الجناة من أفراد الأسرة أو أشخاص آخرين مثل الموظفين في دور لرعاية المسنين.
تشير الأبحاث المتعلقة بمرتكبي إساءة معاملة المسنين محدودة. ومع ذلك، تشير الأدلة الموجودة إلى أن نوع إساءة معاملة المسنين يختلف باختلاف العلاقة بين الضحية والجاني. وبشكل عام، من المرجح أن يرتكب أفراد الأسرة إساءة معاملة المسنين، باستثناء الاستغلال المالي والاعتداء الجنسي. يمكن لمجموعة معقدة من عوامل الخطر على مستويات الضحية (على سبيل المثال، الخرف)، الجاني (مثل عبء مقدم الرعاية)، العلاقة (على سبيل المثال، التنافر الأسري)، المجتمع (مثل عدم توفر خدمات الرعاية المؤقتة)، والمجتمع (على سبيل المثال، المعتقدات السلبية حول الشيخوخة) أن تزيد من احتمال إساءة معاملة المسنين.
العواقب الصحية لإساءة معاملة المسنين: لإساءة معاملة المسنين عواقب ضارة تصنف على نطاق واسع إلى آثار جسدية، ونفسية، ومالية، واجتماعية. تشمل الآثار الجسدية على كبار السن الذين تعرضوا لسوء المعاملة مقارنة بأولئك الذين لم يتعرضوا لسوء المعاملة كما هو موضح في دراسات مختلفة زيادة معدل الوفيات (3 أضعاف)، وضعف الصحة العامة (3.8 ضعف)، والألم المزمن (1.65 ضعف)، واضطرابات النوم (5.1 ضعف)، ومتلازمة التمثيل الغذائي (4 اضعاف).
تمت دراسة الآثار النفسية لإساءة معاملة المسنين على نطاق أوسع نسبيا من آثارها الجسدية. تتمثل العواقب الراسخة لإساءة معاملة المسنين في ارتفاع مستويات التوتر (6 أضعاف) والاكتئاب (2.2 ضعف) بين أولئك الذين تعرضوا لسوء المعاملة، مقارنة بأولئك الذين لم يتعرضوا للإساءة. تشمل العواقب النفسية المحتملة الأخرى زيادة مخاطر الإصابة بردود فعل الخوف والقلق (10 أضعاف)، والتفكير في الانتحار (2.6 ضعف)، ومحاولات الانتحار (7.4 ضعف). يمكن أن تؤدي إساءة معاملة المسنين إلى زيادة العزلة الاجتماعية، إما لأن الضحية قد انسحبت اجتماعيا أو لأن الجاني قد عزل الضحية عمدا. يمكن أن تؤدي هذه العزلة الاجتماعية إلى تفاقم عواقب سوء المعاملة على الصحة الجسدية والعقلية.
العنف الجنسي
أنواع سلوكيات العنف الجنسي (1) الاغتصاب المهبلي (2) اشكال الإيلاج الأخرى الفموي او الشرجي (3) التحرش الجنسي (3) الاتصال الجنسي غير المرغوب فيه. لسوء الحظ، يعد العنف الجنسي شكلا شائعا من أشكال العنف، حيث يقدر معدل انتشاره مدى الحياة بنسبة 44 في المئة للنساء و25 في المئة للذكور.
العواقب الصحية للعنف الجنسي: غالبا ما يكون العنف الجنسي حدثا يغير مجرى حياة الضحية. عواقب الصحة العقلية والنفسية في ضحايا الاعتداء الجنسي، تشمل الاكتئاب (13-51 في المائة)، والقلق (12-40 في المائة)، وتعاطي المخدرات (13-61 في المائة)، واضطرابات النوم (19 في المائة)، واضطراب ما بعد الصدمة (17-65 في المائة). تعرض ما يقرب من نصف الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب لعنف جنسي. محاولات الانتحار والانتحار الكامل أعلى بأربعة أضعاف في ضحايا الاعتداء الجنسي منها في عموم السكان، واضطرابات الأكل أعلى بأكثر من الضعف. كما ان الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة أو المراهقة يرتبط بالشيخوخة البيولوجية المتسارعة، تتأثر العواقب النفسية للاعتداء الجنسي بشكل كبير بالاستجابة التي يتلقاها الضحية من شبكته الاجتماعية، المجتمع الطبي ونظام العدالة الجنائية.
التنمر والبلطجة
التنمر شائع بين الشباب وله عواقب طويلة المدى على الضحية وعلى للجاني والأشخاص المحيطين بالضحية. تشير الأبحاث المنشورة انه 20 بالمائة من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاما أبلغوا عن تعرضهم للتنمر في المدرسة. مع انتشار أعلى بين الإناث منه بين الذكور، ونسبة الأطفال في الصفوف الابتدائية اعلى منه في الصفوف العليا، وتشير دراسة أخرى ان 6.9 في المئة من الطلاب بأنهم كانوا أهدافا للتنمر عبر الإنترنت في العام الماضي.
العواقب الصحية للتنمر:
إن تأثير التنمر على الصحة كبير ويؤثر على العديد من جوانب الصحة الجسدية والعاطفية للضحايا. الأعراض الجسدية الأكثر شيوعا التي تظهر لدى أولئك الذين يتعرضون للتنمر هي أعراض التعبير عن الظواهر العقلية كمظاهر جسدية مثل الصداع، وآلام البطن المزمنة أو غيرها، واضطرابات النوم.
الآثار الأكبر والأكثر أهمية للتنمر هي على الصحة العاطفية والعقلية. وجد تحليل لعدة دراسات محكمة مخاطر الاكتئاب (2.2 صعف) والقلق (1.8 ضعف) وإساءة استخدام الكحول (1.26 ضعف) وتعاطي المخدرات (1.41 ضعف).
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الارتباط بين التنمر وإيذاء النفس. تشير العديد من الدراسات، إلى زيادة خطر إيذاء النفس للأشخاص الذين كانوا أهدافا للتنمر، مقارنة بأولئك الذين لم يكونوا كذلك، مع نسب احتمالات من 2-3 لإيذاء النفس، والتفكير في الانتحار، ومحاولات الانتحار بعد التعرض لتنمر عبر الإنترنت. يبدو أن تأثير التنمر على خطر الانتحار أكبر بالنسبة للأشخاص الذين هم أهداف مزمنة للتنمر مقارنة مع أولئك الذين يعانون من أحداث تنمر معزولة.
كما أن مرتكبي التنمر معرضون بشكل متزايد لخطر العواقب الصحية الضارة، على الرغم من أن هذه مجموعة غير متجانسة. الشباب الذين يتنمرون هم أكثر عرضة بثلاث مرات لحمل السلاح، مقارنة بأولئك الذين لا يتنمرون ويكون الشباب الذين يتنمرون في المدرسة أكثر عرضة بنسبة 2.5 مرة لارتكاب جريمة جنائية حتى أحد عشر عاما، مقارنة بالشباب الذين لا يتنمرون. ويرتبط التنمر أيضا بالإدانات اللاحقة بجرائم العنف وحيازة الأسلحة.
عنف الفتيان:
تشير الأبحاث المسندة ان القتل هو السبب الرئيسي الثالث للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 10-24 عاما، وكذلك الإصابات الجسدية الناتجة عن عنف الفتيان والعصابات في هذ العمر هي بالعادة شديدة ويتخلف عنها إعاقات وتعطل عن نشاطات الحياة الطبيعية، وان الشباب في هذا العمر هم أكثر عرضة لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة (2.15 ضعف)، مقارنة بأولئك الذين لم يتعرضوا لها.
الفتيان الذين تعرضوا للتهديد المباشر بالعنف أو شهدوا العنف لديهم احتمال أكبر بالانخراط بأنشطة وسلوكيات جنسية غير طبيعية ويحدث هذا في عمر مبكر من حياتهم، كما أن عنف الفتيان يزيد من احتمالات تعاطي المخدرات والارتهان لها أو التعرض لإيذاء عنيف كشخص بالغ، أو الوقوع ضحية للعنف الاسري.
النتيجة:
في حين أن الأشكال المختلفة للعنف بين الأشخاص كانت دائما جزءا من السلوك البشري، فإن الفهم العلمي لعواقبه الصحية التي لا تعد ولا تحصى أصبح أكثر شمولا في العقود الأخيرة. ويجري استكشاف المسارات البيولوجية لهذه الآثار الصحية، ولكن هناك حاجة إلى إجراء الكثير من البحوث لترجمة هذه النتائج إلى برامج تدخل فعالة. لا تقتصر الآثار الجسدية لجميع أشكال العنف على الصدمات الجسدية الواضحة، ولكنها تشمل عواقب نفسية بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى عنف لاحق موجه ضد النفس أو الآخرين. وعلى أهمية ارتباطها بعمر الضحية الا ان لآثار القصيرة وطويلة الامد للعنف سجل وجودها في جميع مراحل الحياة.
يتطلب العلاج الفعال للإصابات العنيفة علاجا مخصصا لا يأخذ في الاعتبار فقط العمر والجنس ونوع التعرض العنيف، ولكن أيضا محددات الحالة العصبية والنفسية للمصاب، جنبا إلى جنب مع تقييم تجارب الطفولة السلبية وغيرها من حالات التعرض للصدمة خلال دورة الحياة.
وبما أن سوء الصحة البدنية والعقلية من النتائج الرئيسية للعنف، ينبغي أن تشمل إدارة شؤون الضحايا تيسير حصولهم على الرعاية الصحية. ومن منظور السياسات والممارسة، فإن فهم مجموعة واسعة من نتائج المراضة الناجمة عن العنف يسلط الضوء على الحاجة إلى تدريب مقدمي الرعاية الصحية وتعزيز التعاون متعدد التخصصات في الاستجابة وعلاج الضحايا في مختلف البيئات السريرية والمجتمعية.
يتطلب نطاق مشكلة العنف إيلاء الاهتمام للوقاية الأولية بالتعامل مع عوامل الخطورة قبل وقوع العنف، وليس فقط علاج الضحايا والجناة ببرامج الوقاية الثانوية والثالثية. العدالة الحقيقية للضحايا تتطلب ذلك.
الدكتور هاني جهشان مشتشار الطب الشرعي
الخبير في الوقاية من العنف والإصابات
Comments