top of page
صورة الكاتبمستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان

الفساد في القطاع الصحي الحكومي


الفساد في القطاع الصحي الحكومي
الفساد في القطاع الصحي الحكومي

جذور عدم توفر اسرة المستشفيات، وقوائم الانتظار الطويلة في القطاع العام:

  1. عدم كفاية الخدمات على المستوى الوطني نتيجة الإخفاق في التخطيط الاستراتيجي، ورصد الموار المالية والبشرية التي تضمن تقديم خدمة طبية نوعية جيدة.

  2. الفشل في وضع البرامج الصحية الوطنية موضع التنفيذ بسبب الإخفاقات الإدارية والبيروقراطية والفوضى والفساد في القطاع الصحي العام.

  3. ما سبق (1و2) يؤدي إلى نقص بعدد الاسرة بالمتوفرة بالمستشفيات، ونقص بعدد الأجهزة الطبية المتاحة للاستعمال وضعف في صيانتها ونقص بالمستلزمات الطبية وبالتالي تأجيل الاستجابة السريرية للحالات بالتشخيص والعلاج والتأهيل لفترات طويلة.

  4. غياب التعليم الطبي المستمر والتدريب والتأهيل في مختلف التخصصات الطبية، يؤدي إلى الضعف المهني للأطباء وتأجيل معاينة الحالات وبالتالي حصول تأخير في معاينة المرضى.

  5. عدم الالتزام بالمعايير الأخلاقية لمهنة الطب وآداب المهنة، والتي تشمل الخصوصية وتحقيق المنفعة وعدم الإضرار والعدالة والمساوة بتقديم الخدمات لجميع المرضى.

  6. ضعف رواتب وحوافز الأطباء والظروف الصعبة التي يعملون يجعلهم بحالة من الإحباط والقنوط تنعكس سلبا على الإنجاز والاستجابة السريعة للحالات ويؤدي بالتالي إلى تأخير في مواعيد المرضى.

  7. أسباب شخصية تتعلق بالأطباء بخفض عدد الحالات المسجلة يوميا لفسح المجال لمعاينته المرضى من خلال المعارف الشخصية او المرسلين بواسطة ومحسوبية.

الفساد في قوائم مواعيد المرضى وفي توفير أسرة المستشفيات:

الإدعاء بعدم توفر أسرة للأدخال للمستشفى واصطناع وجود قوائم انتظار طويلة للعمليات الجراحية أو فحوص الأشعة او مراجعي العيادات الخارجية، هو شكل من أشكال الفساد ويتقاطع بشكل كبير مع جذور وجود هذه القوائم السالفة الذكر، والمشكلة الخطيرة ان قوائم الانتظار تخترق بالواسطة والمحسوبية بعدد مرضى أكبر من العدد الموجود في القوائم ذاتها ويتم محاولة تجميل قبحها بأطلاق عبارات مبهمة من مثل قوائم الاستثناءات الاجتماعية، ويرافق ذلك غياب العدالة والمساوة بين المرضى، حيث توفر رعاية طبية باهتمام ونوعية علاج فائقة الجودة لأشخاص يتم التوصية عليهم بطرق مختلفة ومن جهات عديدة، أهمها الوزراء والنواب والأمناء العامين والمدراء، وفي نفس المجال يتم التحفظ على عدد من الأسرة ويحجب وجودها لتكون جاهزة لتوفيرها لمن له واسطة او محسوبية.

(أحد رؤساء الأقسام في مستشفى شبه حكومي بمشاركة على الفيسبوك صرح أن اغلب الواسطات تأتيه من الوزير او مدير مكتبه او الأمين العام)

الواقع المؤلم ان الموظف الذي يسجل المواعيد ليس على اطلاع بأهمية وخطورة الحالات، والتعليمات لديه من الإدارة والأطباء هو التسجيل بعدد محدود يوميا دون أي معايير سريرية، وعادة ما يكون هذا العدد مقيد جدا ليفسح الطبيب لنفسه مجالا للكشف على حالات "الواسطة والمحسوبية" المتوقعة تحت تسميات مختلفة مغايرة للواقع.

الطبيب الذي يفحص المرضى خارج قوائم الانتظار أو يوفر سرير لواسطة يكتسب شعبية اجتماعية وشهرة مهنية ويكوّن سمعة طيبة واستثمار وظيفي ينفعه لاحقا من الناحية الاجتماعية لدى عمله بالقطاع الخاص.

معاينة المرضى خارج البيئة الإدارية الرسمية: في كثير من الأحيان ولتجنب الإحراج يتم التأقلم مع حالات الواسطة والمحسوبية بفحصهم في مكان غير غرف العيادات الخارجية كأقسام المستشفى الداخلية، وبعد انتهاء أوقات الدوام الرسمي. تفسير هذا السلوك بأنه "خدمة للمرضى" هو دفاع غير منطقي ويشكل شبهة فساد، لأن جميع المرضى لهم الحق بفرص متساوية لتلقي الخدمات الطبية بظروف طبية إدارية قانونية سليمة.


عواقب الادعاء بعدم توفر الأسرة، ووجود قوائم مواعيد المرضى الطويلة:

خطر قوائم مواعيد المرضى، فساد وموت وإعاقة وتفاقم المرض كما يلي.

  1. بسبب عدم توفر الأسرة وعدم توفير العلاج المبكر المرتبط بقوائم المواعيد المتأخرة، وحسب طبيعة المرض، لا يمكن نفي حدوث تدهور في الحالة السريرية ونوعية حياة المريض، وأيضا حدوث توتر نفسي وقلق وخاصة إذا رافق المرض ألم مزمن. أثبتت المراجع المسندة بحثيا انه تزداد مخاطر قوائم الانتظار الكامنة في امراض السرطان وأمراض الجهاز الدوري وأمراض الجهاز العصبي المركزي.

  2. لا يتوقع ان تؤدي قوائم الانتظار وفر مالي لوزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية أو العسكرية، بل هناك مخاطرة من زيادة الكلفة المالية بسبب حدوث تأخير بالعلاج لحدوث عواقب وخيمة تحتاج تكلفة مالية أكبر..

  3. عدم توفر الأسرة وقوائم الانتظار الطويلة تدفع المرضى، على الرغم من ضيق وضعهم الاقتصادي، للحصول على الخدمات الطبية من القطاع الخاص، مما يزيد من الفقر والعوز، وقد يدفعهم طول الانتظار لاستجداء العلاج بوسائل مذلة مهينة كالنشر عن احوالهم بالصحف والاذاعات والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، او اللجوء إلى الواسطة والمحسوبية، وما يرافق ذلك من انتهاك لحقوق الإنسان وخرق لكرامتهم.

  4. عدم توفر الأسرة وقوائم مواعيد المرضى الطويلة وما يرافقها من فساد ظاهر وكامن يحرم المواطنين من سهولة النفاذ السهل للرعاية الصحية ومن الممكن أن يؤدي إلى تفاقم الحالة المرضية والنفسية للمريض وخاصة للفقراء والمهمشين، لضعف قدرتهم على التأقلم والاستجابة للبيئة الفاسدة التي ترافق هذه القوائم، وهم أيضا غير قادرين على أيجاد البديل في القطاع الخاص.

انتهاك حقوق المريض ومسؤولية الحكومة:

الحق بالصحة ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

يؤكد دستور منظمة الصحة العالمية على أن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، ويشمل الحق في الصحة الحصول على الرعاية الصحية المقبولة والميسورة التكلفة ذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب.


تنص هذه الاتفاقيات على ان تلتزم الحكومة والقطاعات الطبية بما يلي:

  1. تخفيض معدل الوفيات وتحسين البيئة لتوفير الحماية الصحية للمواطنين.

  2. الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض المزمنة والإصابات، وعلاجها ومكافحتها؛

  3. تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.

يشمل الحق في الصحة، أربعة عناصر هي:

  1. توفير القدر الكافي من المرافق الصحية العمومية ومرافق الرعاية الصحية والمستلزمات والخدمات والبرامج.

  2. استفادة الجميع من فرص الوصول إلى المرافق والخدمات الطبية، ضمن جميع مناطق الدولة.

  3. يجب أن تحترم جميع الخدمات الطبية الأخلاق الطبية المهنية وأن تكون مناسبة ثقافياً وأن تراعي متطلبات الجنسين

  4. يجب أن تكون المرافق والخدمات الطبية مناسبة علمياً وطبياً وذات جودة ونوعية جيدة.

مسؤولية الحكومة: لمواجهة الفساد في القطاع الصحي العام بما فيه عدم توفر الأسرة وقوائم مواعيد المرضى الطويلة، يتوجب على الحكومة أن تعمل على توفير تمويل التأمين الصحي لجميع القطاعات الصحية الحكومية والعسكرية والجامعية بالتساوي، وضمان خدمات صحية بنوعية مهنية جيدة إن كانت مقدمة للمنتفعين من صندوق المعونة الوطنية أو القطاع الحكومي أو القطاع العسكري أو إلى الوزراء والاعيان والنواب، بالإضافة لشمول غير المنتفعين حاليا، لان معاناة المرض من الناحية الإنسانية لا تفرق بين طبقة الاجتماعية وأخرى.


الدور الإيجابي المتوقع من الأطباء لمواجهة الظواهر السلبية المتعلقة بالفساد بما فيها عدم توفر الأسرة وقوائم مواعيد المرضى الطويلة:

  1. الحكومة بالعادة لا تحترم المجتمع بشكل حقيقي على الرغم من انها وجدت لخدمته، فالعلاقة بين الطبيب والمجتمع ليست محصورة بعلاقته بالحكومة فهي تمتد لجميع مكونات المجتمع على الرغم من التحكم السلبي للحكومة بهذه العلاقة.

  2. ورد في إعلان حقوق المريض لجمعية الأطباء الدولية لعام 2005 والمعاد اعتماده عام 2015 على "عندما تنتهك حقوق المرضى بسبب التشريعات، او بسبب قرارات الحكومات، أو من قبل أي إدارة أو مؤسسة يتوجب على الأطباء اتباع كافة الوسائل المناسبة لضمان تحقيق حقوق المرضى ومنع انتهاكها وضمان إعادة الاستفادة منها"

  3. يتوقع من كافة الأطباء مواجهة هذه الظواهر بمرجعية التزامهم بآداب المهنة وأيضا بالتعليم الطبي المستمر بما يستجد حول فاعلية العقاقير والاجهزة الطبية وأيضا الالتزام بأدلة إجراءات معتمدة معرفيا وبحثيا ثبت أنها ناجعة في تأمين علاج حقيقي للمرضى.

  4. يتوقع من الطبيب ان لا يشارك في وضع أو المساهمة في قبول سياسات للمستشفى او المؤسسة التي يعمل بها او للحكومة تخفض او تحجب إمكانيات علاج المرضى، واي مشاركة له في مثل هذه السياسات يعتبر مخالف لآداب المهنة، وإن اضطر للاشتراك عليه الاعتراض وكسب التأييد لعدم قبول مثل هكذا سياسات.

الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي الخبير في حقوق الإنسان وآداب مهنة الطب

٣٨٣ مشاهدة

Comments


bottom of page