في جرائم قتل الأطفال ان كان من قبل عامل وافد او جار او داخل الاسرة او من قريب، يطرح نفس السؤال دائما؛ هل كان من الممكن الوقاية من هذه الجرائم والحفاظ على حياة الأطفال من الموت قتلا؟
مقدمة: من الممكن تصنيف اختفاء الأطفال في خمس مجموعات (1) الاختفاء المرتبط بمشاكل اسرية ما بين الوالدين خطفه من قبل أحدهما (2) الخطف بهدف الاعتداء على الطفل وعادة ما يكون بدافع جنسي وعلى الاغلب ان ينتهي بقتل الطفل (3) هرب الطفل من المنزل وعلى الاغلب في مرحلة المراهقة (4) التخلي او هجر الطفل من قبل أحد والديه او كلاهما (5) ضياع الطفل او إصابته بحدث ما.
لكل مجموعة من هذه المجموعات تحدياتها التي تتعلق بحقوق الطفل والمخاطر التي سيتعرض لها خلال اختفائه وتعتمد مباشرة على مخطر داخل الاسرة ومخاطر خارجها ومرتبطة مباشرة بمرحلة تطور ونمو الطفل.
الفقرات ادناه تتعلق بالخطف وإخفاء الطفل قسرا بهدف الاعتداء عليه وقتله.
تشير مراجع علم الجريمة المسندة بحثيا انه:
بعد استثناء جرائم قتل الأطفال في السنة الأولى من عمرهم والتي تحدث من قبل أحد الوالدين، فإن جرائم قتل الأطفال، من عمر سنة الى 12 سنة المرتبطة بخطفهم وإخفائهم، يكون القاتل معروف للضحية بنسية 60% من الحالات، ان كان في الحي او نادي او مدرسة، حيث يتم استدراجهم وهم خارج منازلهم او اثناء لعبهم على الطرقات والحي الذي يسكنون به الى مكان منعزل او خفي وبالتالي ارتكاب الجريمة.
تبين هذه المراجع ان نسبة جرائم قتل الأطفال من قبل شخص داخل الاسرة في هذه المرحلة العمرية (من سنة الى 12) هي 14%.
تبين ان 68% من جرائم قتل الأطفال بهذه المرحلة العمرية يكون للقاتل سجل جرمي سابق ان كان في مجال تعاطي او الاتجار بالمخدرات أو العنف الجنسي او العنف المجتمعي.
في الاعم الاغلب من الحالات يكون الدافع الأساسي لخطف الطفل او إخفائه وقتله لاحقا هو الاعتداء جنسيا عليه.
في 60% من هذه الجرائم يتم تبليغ الشرطة عقب ساعتين من عدم العثور على الطفل.
في 76% من هذه الجرائم يرتكب القتل بعد 3 ساعات من اختفاء الطفل، وتصل هذه النسبة الى 88% خلال الأربعة والعشرين ساعة عقب اختفاء الطفل.
12% من مرتكبي جرائم خطف وقتل الأطفال هم مراهقين بعمر اقل من 18سنة، و10% تجاوز عمرهم 40 عاما، و66% من القتلة تراوح عمرهم بين 18 و30 عاما.
في 55% من حالات خطف الطفل حدثت مقابل منزل الضحية، فالطفل الذي يتواجد في ساحة المنزل او الشارع المقابل لمنزله ليس محصن ضد الاختطاف والاعتداء عليه وقتله.
الوقاية، مسؤولية الاهل:
بكل الأحوال والأوقات يجب أن يكون هناك رقابة على الطفل اثناء تواجده خارج المنزل او اثناء ذهابه وإيابه إلى ومن المدرسة او النادي او منازل أصدقائه او أي مكان اخر يرغب التواجد به.
يتوقع من الأهل ان يقوموا بتوعية الطفل حول كيفية التعامل مع الغرباء ومهارات حماية أنفسهم من أي استغلال او عنف، حسب ما يتناسب مع مرحلة نموهم وتطورهم، وهناك مسؤولية على الحكومة ان تخطط وتنفذ برامج مستدامة لتوعية الأهالي للقيام بذلك بحيث تكون هذه البرامج قابلة للقياس والتقييم.
يتوقع من الاهل ان يتعرفوا على مكان الخطر في الحي الذي يسكنون به وعلى الأشخاص الخطرين او ذوي الاسبقيات الجريمة ويعكون حذرين بالتعامل معهم.
في حال اختفاء الطفل يجب تبليغ الشرطة مباشرة حيث تكون مخاطر قتله كبيرة في الثلاث ساعات الأولى بعد اختفائه.
الوقاية، مسؤولية الحكومة:
على الحكومة مواجهة التحديات والعقبات التالية:
برامج التوعية المستدامة المتعلقة بحقوق الطفل وحمايته من العنف الجسدي والجنسي لا زالت متعثرة وتعتمد على مبادرات الدعم الخارجي وتتوقف بانتهاء التمويل، وهناك غياب لجهة حكومية تتحمل تنفيذ هذه البرامج.
اغلب الاحياء خالية من أماكن لعب وتنزه الأطفال التي تتصف بمعايير قياسية لسلامة وأمن الأطفال.
مبادرات وزارة التربية والتعليم لتوفير الامن المروري اثناء ذهاب واياب الأطفال للمدارس لا زالت تراوح مكانها وخاصة في عمان الشرقية والأحياء الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية.
تشتت برامج وزارة الصحة المتعلقة بالوقاية الأولية من العنف والإدمان وبرامج التوعية الوالدية، وغياب تعميمها على جميع المراكز الصحية بالمملكة.
لجان التحقيق في التقصير الذي ادى لوفيات عدة أطفال من العنف في الاسرة او خارجها، لم يكن ناجعا في أغلب الحالات، يستمر عدة أشهر، ويصل لنتائج غير قابلة للتنفيذ، او غير ملزمة التنفيذ، ويتحمل المجلس الوطني لشؤون الاسرة مسؤولية هذا الإخفاق.
غياب "فرق مراجعة وفيات الاطفال" على المستوى الوطني تكون له مرجعية إدارية وقانونية واضحة وتتصف نتائجه بالشفافية والعلنية، الا ان هذا المطلب المهني لم يتحقق حتى الان.
برامج تأهيل وعلاج مرتكبي الجرائم الجنسية غائبة او ضعيفة جدا في مراكز الإصلاح ومؤسسات رعاية الأطفال الجانحين.
فشل مجلس النواب لعشرات السنوات من إقرار قانون حقوق الطفل، ليكون المرجعية القانونية الأساسية لحماية الأطفال من كافة أشكل العنف، وضمان ديمومة ونوعية برامج حماية الطفل.
لا مجال للصمت عندما يتعلق الامر بحق الطفل بالحياة وحمايته من ان يقتل عقب خطفه والاعتداء عليه جنسيا.
الدكتور هاني جهشان، مستشار أول الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف وحقوق الطفل
Comments